إذا كنتَ مؤسس علامتك التجارية الشخصية أو مديرًا تنفيذيًا لشركتك، فهذا يعني أنَّك بالتأكيد سمعت بمصطلح “استراتيجية التسويق بالمحتوى”! لقد شاع هذا المصطلح كثيرًا مؤخرًا لا سيما للمهتمين في مجال التسويق الإلكتروني، وبناء علاماتهم التجارية الشخصية وتسويقها على نطاق واسع في عالم الإنترنت.

أولًا اسمح لي بأن أعبر لك عن سعادتي بقراءتك لهذا المقال التفصيلي، والذي حاولت جاهدة فيه أن أضع ولو جزء بسيط من خبرتي ومعلوماتي حول استراتيجية التسويق بالمحتوى فيه، وأرجو أن يقدم لك كل المعلومات التي تحتاجها حول الموضوع، ولكن احرص على قراءته بتركيز وهدوء.

في هذا المقال سنتعرَّف على ماهية استراتيجية التسويق بالمحتوى، وأهم العناصر الأساسية والعوامل الجوهرية التي تلعب دورًا أساسيًا في نجاح هذه الاستراتيجية، وتطبيقها بما يحقق لك أهدافك التسويقية على نطاق واسع ومدروس.

تعريف استراتيجية التسويق بالمحتوى

إذا أردنا تحديد المعنى الدقيق لاستراتيجية التسويق بالمحتوى، فهي باختصار تعتمد على إجابة هذين السؤالين:

1. لماذا نكتب؟
2. لمن نكتب؟

عليك أن تعرف تمامًا لماذا تكتب المحتوى، ومن تساعد، أو بمعنى آخر الهدف من إنشاء المحتوى، وما هي طبيعة الجمهور المستهدف من هذا المحتوى وكيف ستساعده بطريقة أفضل من غيرك بكثير.

تلجأ الشركات والعلامات التجارية عادةً إلى إنشاء محتوى تسويقي لبناء جمهور محدد يمثل صفات “العميل المثالي” في استراتيجيات العلامات التجارية. وقد أثبتت هذه الاستراتيجية تحديدًا قدرتها على جذب المزيد من العملاء المحتملين، وزيادة معدلات التحويل، وزيادة الأرباح والإيرادات.

غالبًا ما يُكرر المسوقون المقولة المعروفة “المحتوى هو الملك”، والتي أصبحت تُمثل رؤية مدروسة وأداة متكاملة تساعد العلامات التجارية في جذب انتباه جمهورهم المستهدف.

أما الآن، سنناقش أهم العوامل الأساسية والعناصر الجوهرية التي تضمن نجاح استراتيجية التسويق بالمحتوى.

العوامل الجوهرية لنجاح استراتيجية التسويق بالمحتوى

1. دليل استراتيجية العلامة التجارية

قبل أن تنتقل لفكرة إنشاء أي محتوى تسويقي، عليك البدء حتمًا بهذه الخطوة المهمة للغاية.

ما المقصود بدليل استراتيجية العلامة التجارية؟

دليل استراتيجية العلامة التجارية هو مستند موثق ومدروس، تنشؤه أي علامة تجارية سواءً أكانت شخصية أو للشركات، ويمثل هذا الدليل هُوية العلامة التجارية، ويتضمن إرشادات وتعليمات واضحة حول مهمة العلامة التجارية، ورؤيتها المستقبلية، وخصائص صوت العلامة التجارية، وتفاصيل الهوية البصرية، وغير ذلك من الإرشادات المهمة.

على الرغم من خبرتي الكبيرة في عالم الكتابة والمحتوى التسويقي، إلا أنني لم أكن أدرك مدى أهمية هذا الدليل إلا بعد أن قررت أن أبدأ ببناء علامتي التجارية الشخصية وفق قواعد مدروسة ومنهجيات علمية مطبقة، وبعد أن حصلت على تدريب فردي من مدرب الأعمال سري عواد.

تطلب مني الأمر الكثير من الجهد والتفكير لوضع دليل إرشادي أساسي لعلامتي التجارية الشخصية، وبفضل توجيه مدربي نجحت في وضع خطة أساسية ممتازة لدليل علامتي التجارية؛ لذا أدرك تمامًا مدى أهمية هذه الخطوة قبل أن أبدأ بكتابة أي كلمة حتى!

ستلاحظ اعتمادك بشكل كبير على هذا الدليل عند تجهيز استراتيجية التسويق بالمحتوى، حيث سيكون عليك توجيه المحتوى لجمهورك المستهدف “العميل المثالي”، واختيار لغة الكتابة التي تمثل “صوت العلامة التجارية”، واختيار المنصات المناسبة لنشر المحتوى بناءً على رؤية علامتك التجارية ومهمتها الأساسية.

إذا كنت بحاجة لمساعدة في إنشاء دليل استراتيجية علامتك التجارية، أنصحك بالتعاون مع الأستاذ سري عواد واختيار التدريب الفردي، حيث سيساعدك في بناء الكثير من التفاصيل المهمة لعلامتك التجارية، والتي قد تغفل عنها مهما كانت خبرتك!

2. أهداف التسويق

استراتيجية التسويق بالمحتوى تساعد العلامة التجارية في توجيه فريق عملك نحو تحقيق أهدافك المستقبلية ورؤية علامتك التجارية.

هناك سمات مهمة لوضع خطة تسويقية ناجحة، ويجب مواءمتها في الوقت نفسه مع احتياجات جمهورك المستهدف وعميلك المثالي، لتسهيل عملية إنشاء المحتوى التسويقي المناسب. من أهم هذه السمات التي يجب أن تتسم بها خطتك التسويقية:

• مُحددة: حدد بالضبط هدفك المنشود.
• قابلة للقياس: حدد مقاييس النجاح.
• قابلة للتحقيق: اختر خطة قابلة للتحقيق، حتى وإن كانت صعبة، ولكن “ليست مستحيلة”.
• ذات صلة: احرص على أن تدعم الأهداف استراتيجيتك التسويقية الشاملة.
• محددة بوقت زمني معين: حدد المدة الزمنية لتحقيق الهدف المنشود.

3. تحديد سمات شخصية العميل المثالي

من المهم للغاية أن تفهم شخصية جمهورك المستهدف، ما يساعدك في مواءمة استراتيجية التسويق بالمحتوى، وتطبيقها وفقًا لاحتياجات عميلك.

شخصية العميل المثالي شخصية خيالية، يمكنك تطويرها بناءً على سمات مختلفة.

لمساعدتك أكثر في تطبيق هذه الخطوة بشكل ممتاز، يمكنك الإجابة عن الأسئلة التالية:

• من هو العميل المثالي؟
• الاسم:
• الجنس:    العمر:
• الحالة الاجتماعية:   عدد الأطفال:
• مستوى التعليم:
• مستوى الدخل:
• مكان الإقامة:

• من هو هذا العميل؟ اشرح أكثر عن أولوياته.
• ما هي المشاكل التي يعاني منها وتعرف أنك قادر على حلها؟
• اكتب 3 ميزات تتمتع بها عن منافسيك في المجال، والتي تعرف أنَّها ستجذب العملاء إليك.
• اكتب قائمة بـ 3 أمور يريدها عميلك منك.
• اكتب قائمة بـ 3 أمور لا يريد عميلك تجربتها معك.
• كيف تتوقع أن يعرفك هذا العميل؟
• ما هي المؤثرات التي تدفع عميلك لاختيارك والتعامل معك؟ (أصدقاء، التسويق، حاجة ملحة، رغبة…)

4. البيانات وأبحاث السوق

تساعد البيانات والأبحاث العلامات التجارية والشركات على فهم الظروف الحالية للسوق، ومعرفة أحدث التوجهات.

هل خطر ببالك أن المحتوى الذي تُنشِئه وتشاركه مع جمهورك سيساعدك حتمًا في جمع المزيد من البيانات والتوجهات؟

ستساعدك هذه الخطوة بالتأكيد على إجراء التعديلات المناسبة في استراتيجية التسويق بالمحتوى، ومواءمتها وفقًا لرؤيتك المستقبلية.

ذلك لا يُغني أبدًا عن إجراء أبحاث السوق عند تأسيس العلامة التجارية، وتحديد المنافسين في المجال، ومعرفة نقاط قوتهم وضعفهم، ودراسة خططهم التسويقية، وجمهورهم المستهدف، وغير ذلك من التفاصيل المهمة جدًا، والتي ستفيدك حتمًا عند وضع استراتيجية التسويق بالمحتوى.

5. خريطة رحلة العميل

بعد أن تنتهي من خطوة تحديد شخصية العميل المثالي، عليك أن تبدأ برسم خريطة رحلة العميل، وتحدد جيدًا كيف يمكنك تلبية متطلباته في كل مرحلة من مراحل رحلة العميل.

تخيل هذه الخريطة وارسمها على ورق، ضعها أمام ناظرك لتتخيل كل تفاصيل رحلة عميلك، ستجد أنّك قادر على بناء استراتيجية المحتوى بناءً على ما يُفكر به ويشعر به في كل مرحلة من مراحل اتخاذ القرار.

فهمك لما يفكر به العميل يساعدك في إنشاء محتوى هادف وقيم.

عليك أن تدرك أيضًا أن رحلة العملاء ليست بالضرورة أن تكون واحدة، ولكن هناك طرق مختلفة تساعد علامتك التجارية لتقديم تجربة مرنة للعميل، والتكيف مع المتغيرات بسلاسة وسهولة.

عادةً ما يُفضل المسوقون الخبراء في مجالهم استخدام مجموعة متنوعة ومختلفة من الأساليب لتمثيل رحلة العميل، والأهم من ذلك كله “رسم خريطة منطقية” لكل من يستخدمها من أفراد فريق العمل.

من المهم أيضًا أن تحرص على تصميم رحلة العميل وفقًا لملف تعريف “شخصية العميل المثالي” لديك، وتحديد خطوات الوصول لعملائك، وكيفية التفاعل معهم.

6. مواءمة المحتوى مع طبيعة الجمهور المستهدف والسوق

قد تلاحظ في بعض الأحيان عدم تفاعل العملاء مع المحتوى الذي تُنشئه العلامة التجارية، وذلك إما لسوء اختيار المنصة المناسبة وفقًا لطبيعة المحتوى والجمهور على هذه المنصة، أو لأن المحتوى لا يلبي احتياجات العملاء ولا يجيب عن استفساراتهم وأسئلتهم، أو كلا الأمرين. على سبيل المثال:

• سوء اختيار المنصة المناسبة:

إذا قررت نشر المحتوى دون التفكير والتخطيط المسبق في طريقة إيجاد العملاء المحتملين والحاليين لهذا المحتوى، فإنّك تضيع وقتك وجهدك سُدى. لن يصل المحتوى لأحد!

• مواضيع غير ذات صلة:

إذا قررت نشر محتوى دون أن تعرف تمامًا الهدف الأساسي من هذا المحتوى، ودون وضع أدنى اهتمام بما يحتاجه العملاء الحاليون والمحتملون، فإنّك تضيع أيضًا وقتك وجهدك على إنشاء محتوى يستهدف الجمهور الخطأ.

صحيح أنَّه من المهم فهم شخصية العملاء، ولكن من المهم أيضًا بالدرجة ذاتها أن تعرف طبيعة المحتوى المناسب في كل منصة تقرر فيها نشر هذا المحتوى. التوزيع المناسب للمحتوى خطوة مهمة وذكية لجذب العملاء الجدد، والاحتفاظ بالعملاء المخلصين. (مقال: 9 أنواع للمحتوى التسويقي، وكيف تختار المناسب منها).

7. عمليات إنشاء المحتوى المستهدف

من المهم وضع خطوات عملية لتطبيق استراتيجية التسويق بالمحتوى، والتي تتطلب منك وضع برنامج محدد لإنشاء المحتوى بشكل مستمر وبجودة عالية. سأخوض في تفاصيل هذه الخطوة بالتحديد في مقال تفصيلي آخر، تتعرف فيه على جميع الخطوات العملية للبدء في إنشاء المحتوى المناسب.

8. خطة التواصل الداخلية

يمكن أن تكون استراتيجية التواصل الداخلية بين أعضاء فريق العمل طريقة مميزة للنجاح، ولكن بدون خطة مفصلة لتنفيذ هذه الاستراتيجية، قد تحصل على نتائج عكسية للأسف!

من المهم عقد اجتماعات حوارية بين أفراد فريق العمل في الشركة من مختلف الأقسام، مثل مسؤول خدمة العملاء، ومسؤول تسويق المنتجات أو الخدمات، وإدارة التسويق العليا، ومسؤول قسم الاتصال والتواصل، وغير ذلك من أقسام إدارة الشركة؛ وذلك بهدف مشاركة جميع الأطراف في عملية تقييم المحتوى، وتقديم آرائهم ومشاركاتهم بناءً على تجاربهم.

9. رزنامة المحتوى

الاستمرارية والانضباط والالتزام عوامل مهمة جدًا لنجاح استراتيجية التسويق بالمحتوى، ولذا من المهم وضع خطة محددة لإنشاء المحتوى، ومراجعته، وتدقيقه، ونشره؛ ضمن خطة عملية لضمان تنفيذ جميع الأفراد لمهامهم الأساسية في صنع المحتوى.

أنصحك باستخدام رزنامة المحتوى، والتي تساعدك في متابعة عملية النشر من خلال الالتزام بجدول زمني ثابت. جدولة المحتوى مسبقًا باستخدام التقويم الشهري، تساعدك في متابعة تحقيق الأهداف والمهام، ومقارنة النتائج، وبالتالي تحسين النتائج بناءً على المعطيات لديك.

10. التحليل المستمر لتطبيق استراتيجية التسويق بالمحتوى

يُقال دومًا: “عمل الكاتب لا ينتهي أبدًا”، وينطبق الشيء ذاته عندما تكون مسؤولًا عن تحديد المحتوى المستمر للعلامة التجارية.

حدد أهدافًا قصيرة المدى، واجمع البيانات، واستمع إلى الملاحظات، ثم وسّع نطاق نجاحاتك. إن صنع استراتيجية للتسويق بالمحتوى مهمة كبيرة وتتطلب الصبر والمثابرة، لذلك من المهم أن تتقدم تدريجيًا، وتقسّم النتائج المثالية إلى برامج ومراحل قابلة للتنفيذ.

11. وضع استراتيجية قوية لنشر المحتوى وترويجه

لا ينتهي التسويق بالمحتوى عند تطوير المحتوى فقط، من المهم أن تعرف أن عملية نشر المحتوى وترويجه جانبان مهمان بالقدر نفسه في حملتك التسويقية.

احرص على التأكد من وصول المحتوى الخاص بك إلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور المستهدف، لزيادة الوعي بالعلامة التجارية.

من المهم أيضًا وضع استراتيجية مناسبة لنشر المحتوى وفق المنصات المستهدفة، وهذا يعني أنه عليك اختيار أفضل القنوات والمنصات لتوزيع المحتوى التسويقي الخاص بعلامتك التجارية.

إذا كنت تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، فكر ما هي المنصات الأفضل لك؟

من الناحية المثالية، سيعني هذا اختيار منصات الوسائط الاجتماعية حيث يكون جمهورك المستهدف أكثر نشاطًا.

12. اختيار المنصة المثالية لنشر المحتوى التسويقي

قد تكون بارعًا في وضع استراتيجية التسويق بالمحتوى، ولكن هذا ليس كافيًا. سيكون عليك تطبيق جميع الخطوات والمراحل المحددة في هذه الاستراتيجية، وتحديثها وفقًا لتحليل المعطيات المتوفرة لديك بعد البدء بعملية النشر.

ابحث عن الأدوات المناسبة لتحليل بيانات الجمهور، ودراسة التفاعل مع أنواع المحتوى التسويقي المختلفة، والتي تساعدك في تكثيف النشر على المنصات التي تحقق لك أفضل النتائج في حملتك التسويقية.

الخلاصة

ناقشنا في هذا المقال أهم العوامل التي تؤثر في نجاح استراتيجية التسويق بالمحتوى لعلامتك التجارية. اعلم جيدًا أن كل عامل من العوامل المذكورة هنا هي مفاتيح جوهرية أقدمها لك ملخصة تساعدك في وضع خطة ممتازة لمحتواك التسويقي.

أحضر أوراق وقلمًا، واكتب هذه العناوين الأساسية كل على ورقته الخاصة، وابدأ في إنجاز مهمتك بنجاح. لا تتعجل، خذ الوقت الكافي في التفكير مليًا فيها، ولا تتردد في مشاركتي بخطتك التي وضعتها، ويسعدني بالتأكيد مساعدتك في تقييمها وتحسينها للأفضل قبل أن تبدأ بالتنفيذ الفعلي.